دليل مسطرة تأسيس وتجديد الجمعيات وفق ظهير 15 نونبر 1958 في ضوء التشريع والعمل القضائي
إصدار جمعية الريف لحقوق الإنسان – غشت 2024، لتحميل هذه الدليل بصيغة PDF اضغط هنا.
مقدمة
تعتبر حرية تأسيس الجمعيات والانتماء إليها واحدة من حقوق الإنسان المكفولة بمقتضى الدستور والنصوص التشريعية إلى جانب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي يعد المغرب طرفا فيها. حيث ينص الفصل 12 من الدستور على أنه “تؤسس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وتمارس أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون. لا يمكن حل هذه الجمعيات والمنظمات أو تفويتها من لدن السلطات العمومية، إلا بمقتضى مقرر قضائي”، كما تنص المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن «(1) لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية” وكذلك المادة 22 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أنه «1. لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين…”.
وفي هذا الإطار، ركزت جمعية الريف لحقوق الإنسان، طيلة 17 سنة من تأسيسها، جهودها على مجموعة من القضايا والمسائل التي تتعلق بحقوق الإنسان، ومن بينها الحقوق المرتبطة بالقريات العامة. وفي هذا السياق يأتي إصدارها لهذا الدليل الذي يحمل عنوان” دليل مسطرة تأسيس و6تجديد الجمعيات وفق ظهير 15نونبر 1985 في ضوء العمل القضائي“. هذه الخطوة التي تعتبر جزءا من التزام الجمعية بتوجيه الضوء نحو الجوانب الحقوقية التي تضمن الحق في حرية تأسيس الجمعيات وممارسة أنشطتها، بما فيه تلك التي نص عليها ظهير شريف رقم 376. 58. 1 صادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نونبر 1958) يضبط بموجبه حق تأسيس الجمعيات كما تم تعديله وتغييره[1].
ويتمثل هدف الجمعية، من خلال إصدار هذا الدليل، تقديم إرشادات وتوجيهات واضحة للجمعيات لضمان تمتعها بهذا الحق بطريقة فعالة، إلى جانب تمكين ممثلي السلطة المقلية من شروحات معززة بقرارات قضائية تجنبا لكل ممارسة يمكن أن تكيف على أنها شطط في استعمال السلطة، حيث يشهد إنفاذ ظهير 15 نونبر 1958، الذي يعالج حق تأسيس الجمعيات، تحديات متعددة نشأت نتيجة سوء فهم النصوص القانونية، والذي يؤدي إلى تقييد هذا الحق وعرقلة ممارسته. ومع ذلك، فإن العمل القضائي لمحكمة النقض ويقدم من خلال قراراته جملة من التوضيحات لمقتضيات القانون من أجل تطبيقها بشكل صحيح ومنصف.
ويتضمن الدليل شرحا شاملا للإجراءات المتعلقة بتأسيس وتجديد الجمعيات، مع الاعتماد على الأسس التشريعية والقرارات القضائية لمحكمة النقض ويقدم الإجابات المفصلة للعديد من السيناريوهات التي قد تواجهها الجمعيات أو قد تكون محط نظر ممثل السلطة المحلية.
الفصل 1
الجمعية هي اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم.
وتجرى عليها فيما يرجع لصحتها القواعد القانونية العامة المطبقة على العقود والالتزامات.
ماهي شروط صحة الجمعية؟
اعتبر هذا القانون أن الجمعية اتفاق يجمع على الأقل شخصين، والذي أخضعه للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود[2]، والتي هي شروط صحة الالتزامات بشكل عام، الواردة في الفصل الثاني منه كما يلي:
- الأهلية للالتزام؛
- تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر الأساسية للالتزام؛
- شيء محقق يصلح لأن يكون محلا للالتزام؛
- سبب مشروع للالتزام.
وانعدام أي من هذه الأركان يجعل الاتفاق باطلا ومن تم يكو ن تأسيس الجمعية باطلا كأنه لم يكن، حيث ينص الفصل 521 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي:
“يكون الالتزام باطلا بقوة القانون:
- إذا كان ينقصه أحد الأركان اللازمة لقيامه؛
- إذا قرر القانون في حالة خاصة بطلانه”.
وحين تكون أهلية أحد الأعضاء المؤسسين أو عضو مكتب الجمعية الذي تم تجديده ناقص الأهلية أو أن إرادته لم تصدر بشكل حر ومستنير فإن الجمعية تكون قابلة للإبطال، وفق ما ينص عليه الفصل 311 من قانون الالتزامات والعقود.
ما هي أهلية الشخص المؤسس للجمعية؟
تعتبر الأهلية من ضمن المشاكل التي تحول دون تأسيس عدد من الجمعيات، على اعتبار أن كل المؤسسين أو بعضهم ليست لهم الأهلية للقيام بذلك. ومن خلال الفصل المذكور من ظهير تأسيس الجمعيات فإن تأسيس الجمعية يخضع لصحته لما تصح به الالتزامات عموما، ومن تم فإنه من الممكن تأسيس جمعية من لدن شخص يبلغ سنه 12 سنة أو ناقص الأهلية بإذن من الأب أو الوصي أو المقدم، تحت طائلة القابلية للإبطال، حيث ينص الفصل 4 من (ق.ل.ع) على ما يلي:
“إذا تعاقد القاصر وناقص الأهلية بغير إذن الأب أو الوصي أو المقدم فإنهما لا يلزمان بالتعهدات التي يبرمانها ولهما أن يطلبا إبطالها وفقا للشروط المقررة بمقتضى هذا الظهير.
يجو ز تصحيح الالتزامات الناشئة عن تعهدات القاصر أو ناقص الأهليةـ إذا وافق الأب أو الوصي أو المقدم على تصرفات القاصر أو ناقص الأهلية، ويجب أن تصدر الموافقة على الشكل الذي يقتضيه القانون”.
كيف يتم التعبير عن الإرادة في تأسيس الجمعية أو تجديد مكتبها؟
يتم التعبير عن إرادة الشخص في تأسيسه للجمعية إما بمشاركته في الجمع العام التأسيسي للجمعية، وهو ما يمكن إثباته بجميع وسائل الإثبات القانونية، كما يمكن أن يتم بمنحه لنسخة من البطاقة الوطنية للتعريف في إطار إعداد ملف إيداع التصريح بالتأسيس أو التجديد لدى السلطة المحلية إن تم تعيينه أو انتخابه في المكتب المسير للجمعية وفق قانونها الأساسي.
ما هي شروط أهداف الجمعية؟
حدد قانون تأسيس الجمعيات موانع التأسيس من حيث الأهداف من خلال الفصل 3 الذي ينص على ما يلي:
“كل جمعية تؤسس لغاية أو لهدف غير مشروع يتنافى مع القوانين أو الآداب العامة أو قد تهدف إلى المس بالدين الإسلامي أو بوحدة التراب الوطني أو بالنظام الملكي أو تدعو إلى كافة أشكال التمييز تكون باطلة”.
ما هي شروط سبب الجمعية؟
سبب الجمعية هو الدافع وراء تأسيسها وهو غير أهدافها، ولا بد من وجوده باعتباره ركنا، حيث ينص الفصل 62 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي:
“ الالتزام الذي لا سبب له أو المبني على سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن.
يكون السبب غير مشروع، إذا كان مخالفا للأخلاق الحميدة أو للنظام العام أو للقانون”.
ولا يلزم ذكر سبب تأسيس الجمعية في وثائقها، حيث ينص الفصل 63 من ذات القانون على ما يلي:
“ يفترض في كل التزام أن له سببا حقيقيا ومشروعا ولو لم يذكر”
الفصل 2
يجوز تأسيس جمعيات الأشخاص بكل حرية ودون سابق إذن بشرط أن تراعى في ذلك مقتضيات الفصل 5.
الفصل 5
يجب أن تقدم كل جمعية تصريحا إلى مقر السلطة الإدارية المحلية الكائن به مقر الجمعية مباشرة أو بواسطة عون قضائي يسلم عنه وصل مؤقت مختوم ومؤرخ في الحال وتوجه السلطة المحلية المذكورة إلى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية المختصة نسخة من التصريح المذكور وكذا نسخا من الوثائق المرفقة به المشار إليها في الفقرة الثالثة بعده، وذلك قصد تمكينها من إبداء رأيها في الطلب عند الاقتضاء.
وعند استيفاء التصريح للإجراءات المنصوص عليها في الفقرة اللاحقة يسلم الوصل النهائي وجوبا داخل أجل أقصاه 60 يوما وفي حالة عدم تسليمه داخل هذا الأجل جاز للجمعية أن تمارس نشاطها وفق الأهداف المسطرة في قوانينها.
ويتضمن التصريح ما يلي :
- (….)
هل يحق للسلطة المحلية رفض التوصل بالتصريح بالتأسيس بسبب مضمونه؟
ينص هذا الفصل على أن تأسيس الجمعيات يتم بكل حرية، بدون أن يسبق ذلك الحصول على إذن أو تقديم تصريح لأية جهة إدارية أو قضائية، حيث يلزم فقط تقديم تصريح بعد التأسيس للسلطة المحلية التابع لها المقر الاجتماعي للجمعية، وذلك وفق ما نص عليه الفصل 5 من ذات القانون.
ومن تم فإن اختصاص السلطة المحلية يتمثل في التوصل بالتصريح بتأسيس الجمعية يتضمن المرفقات المطلوبة وفق الفقرة (3) و (5) من الفصل 5 المذكور ومنح وصل مؤقت وبشكل فوري عن هذا الإيداع، حيث يلزمها فحص مدى تضمن التصريح للوثائق المطلوبة، دون أن يكون لها الاختصاص في تقرير رفض أو قبول الملف، ولو بسبب نقصان التصريح أو عدم سلامة إجراءات انعقاد الاجتماع الذي تم خلاله تأسيس الجمعية، حيث لا يجوز لها فحص مضمونه، وفي حال عدم استكمال الملف المطلوب فإن لها حينها الامتناع عن منح الوصل النهائي إلى غاية اكتمال الملف، لأن منح الوصل النهائي مشروط باستيفاء جميع وثائق التصريح.
وفي هذا الصدد جاء في قرار محكمة النقض عدد: 280 بتاريخ 3 مارس 2022 في الملف الإداري عدد: 3308/4/1/2020 ما يلي:
“ إن المحكمة لما تبين لها أن السلطة المحلية الممثلة في القائد عندما توصلت بتصريح يتضمن أعضاء مكتب جديد لجمعية سبق أن صرح بها بكيفية قانونية، ورأت وجوب امتثالها لنص المادة 1 من ظهير 15نونبر 1958 الذي لا يسمح لها بتقدير مشروعية الاجتماع، لأن الجهة المختصة بهذا التقدير هو القضاء”.
وفي قرار سابق لمحكمة النقض عدد: 662/1 صادر بتاريخ 11 يوليوز 2013 جاء فيه ما يلي:
“قائد السلطة المحلية المتمثلة في قائد قيادة بلفاع عندما توصلت بتصريح يتضمن أعضاء مكتب جديد لجمعية سبق أن صرح بها بكفية قانونية أن يمتثل للنص المذكور الذي لا يسمح لها بتقدير مشروعية الاجتماع لأن الجهة المختصة بهذا التقدير هو القضاء وحده بناء على طلب من ذوي المصلحة وأن طالبة النقض (وزارة الداخلية) لما نصبت نفسها مكان القضاء واعتبرت المكتب الجديد طالب الوصل غير ذي صفة في تقديم التصريح والحال أن النصوص المنظمة للجمعية لا تسمح بذلك تكون قد تجاوزت اختصاصها وهو ما انتهى إليه القرار المطعون فيه عندما بنى قضاءه على أن القانون حصر دور السلطة الإدارية في التصريح وتسليم وصل بذلك ويبقى القضاء هو المرجع الوحيد لإعلان حالة البطلان وتقرير حل الجمعيات المخالفة للقانون”.
كما جاء في قرار لمحكمة النقض عدد: 436 الصادر بتاريخ 25 يونيو 2020 في الملف الإداري عدد: 122/4/1/2019 ما يلي:
“ بمقتضى الفصل الخامس من القانون رقم 377. 58. 1 المشار له أعلاه كما عدل نص على أن الجمعية تقدم للسلطة الإدارية تصريحا إما مباشرة أو بواسطة عون قضائي يسلم عنه وصل مؤقت مختوم ومؤرخ، وتوجه نسخة في الحال إلى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية مرفقا بالوثائق لإبداء رأيها، وأنه عند استيفاء التصريح للإجراءات المنصوص عليها في الفقرة اللاحقة يسلم الوصل النهائي وجوبا داخل أجل أقصاه 60 يوما، وليس في القانون ما يعطي للقائد أو الباشا أو العامل حق رفض استلام تصريح بتأسيس جمعية مرفق بالوثائق القانونية المتطلبة”.
وفي ذات الاتجاه، جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 924 الصادر بتاريخ 11 يوليوز 2019 في الملف عدد: 1904/4/1/2018 ما يلي:
“إن تسليم الوصل المؤقت للجمعية لا يعدو أن يكون مجرد إشهاد بحصول عملية إيداع التصريح، وهو إجراء ملزم للإدارة التي لا تملك إلا حق المراقبة البعدية للتصريح حسب مقتضيات الفصل الخامس من الظهير الشريف رقم 376. 58. 1 المذكور الصاد رفي 15 نونبر 1958 والمغير والمتمم بالظهير الشريف المؤرخ في 23 يوليوز 2002 بتنفيذ القانون رقم 00.77، والمحكمة لما اعتبرت أن رفض السلطة المحلية التوصل بملف تأسيس الجمعية المستأنف عليها وتسليمها الوصل المذكور لأي سبب من الأسباب، يجعل قرارها مشوبا بعيب مخالفة القانون باعتبار أن ظهير 15 نونبر 1958 المشار إليه أعلاه حصر اختصاص السلطة المحلية في منح الوصل المؤقت المنصوص عليه قانونا، وخولها إمكانية إحالة الأمر على القضاء المختص للتصريح ببطلان الجمعية أو بحلها متى ثبت وجودها في وضعية مخالفة للقانون لم تخرق المقتضيات القانونية المحتج بها وبنت قضاءها على أساس قانوني سليم”.
كما جاء في قرار لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد:4409 الصادر بتاريخ 22 دجنبر 2014 في الملف عدد: 312/7110/2014 ما يلي:
“تأسيس الجمعيات لا يتوقف على الإذن المسبق من الإدارة، ويمارس بكل حرية مع مراعاة مقتضيات الفصل 1 من الظهير المشار إليه سابقا ،وهي المقتضيات التي حدد اختصاصات السلطة الإدارية المحلية في تلقي الملف التأسيس وتسليم وصل مؤقت عن ذلك بشكل فوري، مما حاصله أن سلطتها بشأن الوصل المؤقت هي سلطة مقيدة لا تملك بشأنها إجراء أي تقدير لمضمون الملف ولا لإجراءات التأسيس، وأنه مقابل ذلك الاختصاص المقيد، فإنها تملك تقدير السلامة الشكلية للملف التأسيسي وتعلق تسليم الوصل النهائي على تحققها من سلامته ما لم تتجاوز الأجل المحدد في الفقرة الثانية من الفصل المذكور سابقا”.
ما هو الفرق بين الوصل المؤقت والوصل النهائي؟
ينص الفصل 5 من قانون تأسيس الجمعيات على أن السلطة المحلية تمنح وصلا مؤقتا على الفور بمجرد توصلها بالتصريح بتأسيس الجمعية المتضمن للوثائق المشار إليها في الفقرة 3 من الفصل 5 المذكور، أما الوصل النهائي فمنحه مشروط باستيفاء التصريح للإجراءات المنصوص عليها في الفقرة المذكورة، حيث نصت على ما يلي:
“وعند استيفاء التصريح للإجراءات المنصوص عليها في الفقرة اللاحقة يسلم الوصل النهائي وجوبا داخل أجل أقصاه 60 يوما وفي حالة عدم تسليمه داخل هذا الأجل جاز للجمعية أن تمارس نشاطها وفق الأهداف المسطرة في قوانينها.”
ومن تم يتضح على أن الوصل المؤقت يمكن أن يتم منحه بمجرد وضع التصريح لدى السلطات المحلية ولو لم يتضمن جميع الوثائق المطلوبة في الفقرة 3 من الفصل 5، حيث إن هذا الوصل لا ينشأ مركزا قانونيا، ومن تم فهو لا يمنح الجمعية الشخصية الاعتبارية التي تتمتع بها من تاريخ الوصل النهائي، ولهذا اشترط المشرع للحصول على الوصل النهائي استيفاء جميع الوثائق المنصوص عليها في الفقرة 3 من الفصل 5.
ولهذا فإن أجل 60 يوما لأجل اعتبار سكوت الإدارة موافقة ضمنية لا يحسب من تاريخ الوصل المؤقت وإنما من تاريخ استيفاء التصريح لكافة الإجراءات.
وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة النقض عدد: 29 الصادر بتاريخ 10 يناير 2019 في الملف الإداري عدد: 4433/4/1/2017 ما يلي:
“إن الجمعية (الطاعنة) وأن حصلت من الإدارة على الوصل المؤقت فإن ذلك لا يعتبر كافيا للقول بتوفرها على الشخصية القانونية التي تؤهلها للتقاضي باعتباره مجرد إشهاد بالتصريح لا يكسبها هذه الشخصية إلا باستصدار أعضائها للوصل النهائي بالتأسيس أو لحكم حائز لقوة الشيء المقضي به يلغي قرار رفض تسليم الوصل النهائي تكون من آثاره اكتسابها للشخصية القانونية “.
أي وصل يمنح في حالة التغيير أو عدم حدوثه؟
يمكن لأعضاء جمعية أن يقرروا بعد تأسيسها إحداث تغييرات، سواء في الأجل المحدد في القانون الأساسي أو بشكل استثنائي قبل ذلك، كما يمكن أن يحل أجل إحداث تلك التغييرات لكن دون القيام بها. وفي هذا الصدد فقد حدد الفصل 5 المذكور معنى التغيير الطارئ على الجمعية كما يلي:
” وكل تغيير يطرأ على التسيير أو الإدارة أو كل تعديل يدخل على القوانين الأساسية وكذا إحداث مؤسسات فرعية أو تابعة أو منفصلة، يجب أن يصرح به خلال الشهر الموالي وضمن نفس الشروط، ولا يمكن أن يحتج على الغير بهذه التغييرات والتعديلات إلا ابتداء من اليوم الذي يقع فيه التصريح بها.
وفي حالة لم يطرأ تغيير في أعضاء الإدارة يجب على المعنيين بالأمر أن يصرحوا بعدم وقوع التغيير المذكور وذلك في التاريخ المقرر له بموجب القوانين الأساسية. ويسلم وصل مختوم ومؤرخ في الحال عن كل تصريح بالتغيير أو بعدمه”.
ومن تم فإنه في حالة حدوث أي تغيير مما ذكر فيجب أن يتم التصريح به دون الأمور التي لم يطلها التغيير، وهو ما يستفاد من عبارة “وكل تغيير…يجب أن يصرح به…”، أما عبارة “ضمن نفس الشروط” فيقصد بها أن يقدم التصريح إلى مقر السلطة الإدارية المحلية الكائن به مقر الجمعية مباشرة أو بواسطة عون قضائي وتبليغ النيابة العامة من لدن السلطة المحلية بالتصريح وتوجيهها لنسخة منها إلى الأمانة العامة للحكومة.
وفي الحالة التي لا يتم فيها إحداث أي تغيير في الجمعية وفق ما سلف ذكره، فإن الجمعية لا يجب أن تضع ملفا لدى السلطة المحلية إنما تتقدم بمجرد إخبار بعدم إحداث أي تغيير في التاريخ المقرر له بموجب القوانين الأساسية.
وفي الحالتين معا يجب أن يمنح وصل للجمعية على الفور وفق ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من الفصل 5، ولا يتعلق الأمر هنا لا بالوصل المؤقت ولا بالوصل النهائي.
في حالة التصريح بالتغيير أو عدمه هل للسلطة المحلية رفض التوصل به؟
يقف الفصل 7 من قانون تأسيس الجمعيات مانعا أمام السلطة المحلية من أجل رفض التوصل بالتصريح بالتغيير أو بعدمه بناء على فحص للوثائق المدلى بها أفضى بالنسبة لها إلى ثبوت مخالفة الجمعية للفصل 3 من ذات القانون الذي يؤطر أهداف الجمعية، حيث نص الفصل 7 على ما يلي:
“تختص المحكمة الابتدائية بالنظر في طلب التصريح ببطلان الجمعية المنصوص عليه في الفصل الثالث أعلاه.
كما تختص أيضا في طلب حل الجمعية إذا كانت في وضعية مخالفة للقانون. وذلك بطلب من كل من يعنيه الأمر أو بمبادرة من النيابة العامة.
وللمحكمة بالرغم من كل وسائل الطعن أن تأمر ضمن الإجراءات التحفظية بإغلاق الأماكن ومنع كل اجتماع لأعضاء الجمعية”.
هل يجوز إخبار السلطات بانعقاد الجمع العام التأسيسي؟
يشترط بعض ممثلي السلطة المحلية على مؤسسي الجمعية إخبارها بانعقاد الجمع العام التأسيسي قبل 48 ساعة قبل انعقاده، موقعا من طرف ثلاثة أفراد، على اعتبار أن هذا الإجراء منصوص عليه في المادة 3 من ظهير شريف رقم 377. 58. 1 بشأن التجمعات العمومية[3] الذي ينص على ما يلي:
“ يكون كل اجتماع عمومي مسبوقا بتصريح يبين فيه اليوم والساعة والمكان الذي ينعقد فيه اجتماع ويوضح في التصريح موضوع الاجتماع، ويوقع عليه ثلاثة أشخاص يقطنان في العمالة أو الإقليم الذي ينعقد فيه ويتضمن أسماء الموقعين وصفاتهم وعنوانيهم ونسخة مصادق عليها لكل بطاقة من بطائق تعريفهم الوطنية.
ويسلم هذا التصريح إلى السلطة الإدارية المحلية بمكان الاجتماع.
وفي حالة استيفاء التصريح الشروط المنصوص عليها أعلاه يعطى عنه في الحال وصل إيداع مختوم يثبت تاريخ التصريح وساعة تقديمه، ويحتفظ بهذا الوصل ل لإدلاء به كلما طلبه أعوان السلطة.
وإذا لم يتمكن المصرحون من الحصول على الوصل المذكور يرسل التصريح إلى السلطة المذكورة برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل.
ويجب ألا ينعقد الاجتماع إلا بعد مرور أجل لا يقل عن أربع وعشرين ساعة من تاريخ تسلم الوصول أو بعد 48 ساعة من تاريخ توجيه الرسالة المضمونة.
وتعفى من سابق التصريح المنصوص عليه في المقطع الأول من هذا الفصل الاجتماعات التي تعقدها الجمعيات والهيئات السياسية المؤسسة بصفة قانونية التي تهدف بصفة خاصة إلى غاية ثقافية أو فنية أو رياضية وكذا الاجتماعات التي تعقدها الجمعيات والمؤسسات الإسعافية أو الخيرية.”
وقد عرف ذات قانون التجمعات العمومية من خلال الفقرة الثانية من الفصل الأول مفهوم “الاجتماع العمومي” وذلك كما يلي:
“ويعتبر اجتماعا عموميا كل جمع مؤقت مدبر ومباح للعموم وتدرس خلاله مسائل مدرجة في جدول أعمال محددة من قبل”.
وعليه فإن إجراء التصريح القبلي بانعقاد الجمع العام التأسيسي يكون إلزاميا فقط حين يتم عقد اجتماع في مكان مباح ولوجه للعموم، وليس بدعوات خاصة، ولو كان المكان خاصا، حيث جاء في قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد: 1/1001 الصادر بتاريخ 5 يوليوز 2006 في الملف الجنحي عدد : 04/22989 :
“فتوفر عنصر التجمع العمومي هو أول شرط يتوقف عليه تطبيق الفصل التاسع من الظهير، إلا أن ما ورد على لسان الطاعن أنه كان يتوجه إلى منزل أحد الأشخاص (…) لحضور الدروس التي يلقيها هذا الأخير بحضور 20 شخصا آخرين ولم يثبت من وقائع القضية أن تلك اللقاءات كانت مفتوحة للعموم أو أقيمت بمكان مفتوح للعموم، ومن تم فلا يمكن أن توصف بأنها تجمعات عمومية.”
فمن جهة، فإنه من غير المتصور انعقاد جمع عام تأسيسي لجمعية أو حتى للتجديد مباح للعموم، فهذه الاجتماعات تكون غير مباحة للعموم، وتكون مقتصرة على أفراد معينين مؤسسين أو منخرطين في الاجتماع المخصص للتجديد أو عدم إجرائه. ويد أكد قرار لمحكمة النقض على أن الاجتماع الذي ينظمه حزب ويضم منخرطيه فقط لا يعد اجتماعا عموميا، حيث جاء في القرار عدد 167 الصادر بتاريخ 18 فبراير 2021 في الملف عدد: 5280/4/1/2019 الذي جاء فيه ما يلي:
“البين أن الطالبة تمسكت بأن تجديد مكاتب الأحزاب السياسية لا يخضع للمقتضيات القانونية المذكورة، وأن الأمر بالنازلة يتعلق بتجديد مكتبها الرابع طبقا لأحكام القانون 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية الذي يعتبر قانونا خاصا وأولى في التطبيق، والذي لا ينص إطلاقا على الإشعار المسبق والقبلي للفروع الحزبية أو الأحزاب السياسية عند تجديد مكاتب فروعها، و لا يتعلق باجتماع عمومي، و لا موجب لإعمال مقتضيات الفصل الثالث من الظهير الشريف رقم 377. 58. 1 المتعلق بالتجمعات العمومية، والمحكمة لما نحت خلاف ذلك ودون مراعاة ما ذكر، لم تجعل لما قضت به أساسا من القانون وعللت قرارها تعليلا فاسدا يوازي انعدامه”.
ما هي الوثائق اللازم إرفاقها بالتصريح بالتأسيس أو التجديد؟
تنص الفقرة 3 و5 من الفصل 5 من قانون تأسيس الجمعيات على أن ملف التصريح يتكون مما يلي:
- اسم الجمعية؛
- ثلاث نظائر من لائحة بالأسماء الشخصية والعائلية وجنسية وسن وتاريخ ومكان الازدياد ومهنة ومحل سكنى أعضاء المكتب المسير؛
- الصفة التي يمثلون بها الجمعية تحت أي اسم كان؛
- ثلاث صور من بطائقهم الوطنية أو بطائق الإقامة بالنسبة للأجانب؛
- ثلاث نظائر من وثيقة تثبت توفر الجمعية على مقر؛
- ثلاث نظائر من تصريح بعدد ومقار ما أحدثته الجمعية من فروع ومؤسسات تابعة لها أو منفصلة عنها تعمل تحت إدارتها أو تربطها بها علائق مستمرة وترمي إلى القيام بعمل مشترك؛
- ثلاث نظائر من القوانين الأساسية.
غير إنه بالرغم من هذا الشرط فإن مؤسسي الجمعية أو اعضاء المكتب الجديد لا يلزمهم الإدلاء سوى بأصل واحد من الوثائق المطلوبة ونسخة واحدة من البطاقة الوطنية للتعريف أو من بطاية الإقامة بالنسبة للأجانب المقيمين في المغرب، كل ذلك بدون أي مصادقة، سواء بمطابقة الأصل أو على التوقيع، حيث تنص المادة 7 من القانون رقم 19.55 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية التي تنص على ما يلي:
“على الرغم من جميع الأحكام التشريعية والتنظيمية المخالفة، يجب على الإدارات أن تتقيد، عند توثيق القرارات الإدارية وتدوينها، بالقواعد التالية:
- عدم مطالبة المرتفق بأكثر من نسخة واحدة من ملف الطلب المتعلق بالقرار الإداري ومن الوثائق والمستندات المكونة لهذا الملف ؛
- عدم مطالبة المرتفق بتصحيح الإمضاء على الوثائق والمستندات المكونة لملف الطلب ؛…”.
ويعرف هذا النص القانوني “المقرر الإداري” في المادة 2 منه كما يلي:
“- قرار إداري: كل محرر تسلمه الإدارة للمرتفق بطلب منه، وفقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، ولاسيما التراخيص والرخص والأذونات والشهادات والمأذونيات والمقررات؛”.
أما بالنسبة للتصريح بمحضر الجمع العام الذي يتم فرضه من لدن السلطة المحلية، في جل الأحيان، فلا سند قانوني يمكن الاستناد عليه من أجل اعتباره من ضمن مكونات ملف التصريح بالتأسيس أو التجديد، سواء انعقد الجمع العام أم لم ينعقد، فالسلطة المحلية يجب عليها أن تتعامل مع ملف التأسيس والتجديد أو عدمه وفق الفصل 5 من القانون المتعلق بتأسيس الجمعيات حصرا.
لتحميل هذه الدليل بصيغة PDF اضغط هنا.
[1] – الجريدة الرسمية عدد 2404 مكرر بتاريخ 16 جمادى الأولى 1378. (15 نونبر 1958)، ص. 2849
[2] – Dahir portant code des obligations et des contrats, Bulletin officiel n°46 en date du 11 septembre 1913, p. 78.
[3] – الجريدة الرسمية عدد 2404 مكرر بتاريخ 16 جمادى الأولى 1378 (27 نونبر 1958) ص. 2853.